كاتربيلر (Caterpillar)

كاتربيلر هي شركة أمريكية متعددة الجنسيات متخصصة في تصنيع معدات البناء والتعدين، وتُعد من أكبر مصنّعي معدات البناء في العالم. كما أنها مورد رئيسي للجيش الأمريكي وتلعب دورًا مباشرًا في تمكين الجيش الإسرائيلي من تنفيذ عملياته، بما في ذلك توسيع المستوطنات غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الشراكة العسكرية الإسرائيلية

منذ ستينيات القرن الماضي، تعمل شركة Caterpillar كمورد للجيش الإسرائيلي المحتل، حيث تزوده بالآلات الهندسية الثقيلة، بما في ذلك الجرافات المدرعة D9 والحفارات واللوادر الصغيرة. ومن خلال موزعها الحصري في إسرائيل، Zoko Enterprises، يتم تعديل هذه المعدات لتناسب الاستخدام العسكري، بما في ذلك تزويدها بمواقع للمدفعيين وكبائن مضادة للرصاص وأنظمة تعمل بدون سائق.

جرافات D9، التي يطلق عليها الاحتلال الإسرائيلي اسم "دوبي"، كانت محورًا أساسيًا في العمليات العسكرية في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة. وخلال الإبادة الجماعية المستمرة في غزة عامي 2023-2024، تصدرت هذه الجرافات قوات الاقتحام البرية، واستُخدمت على نطاق واسع في عمليات هدم كبيرة. وفي نوفمبر 2023، قدّمت وزارة الدفاع الإسرائيلية طلبات عاجلة للحصول على المزيد من الجرافات من كاتربيلر، وتم تسليم 100 جرافة إضافية من طراز D9 بحلول يناير 2024.

الأسلحة ذاتية التشغيل

تم استخدام جرافة ”باندا“ الروبوتية من شركة Caterpillar، والمستوحاة من طراز D9T من Caterpillar، لأول مرة خلال الإبادة الجماعية في غزة عام 2023. وقد دمرت هذه الأسلحة المستقلة التي يبلغ وزنها 50 طنًا المباني وقدمت دعمًا لنظام الأسلحة أثناء التحكم فيها عن بُعد.

عمليات غزة وجرائم الحرب

تعد جرافات كاتربيلر D9 أداة أساسية للتدمير المنهجي في جميع أنحاء غزة خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية المتعددة منذ عام 2008. خلال الإبادة الجماعية الحالية، دمرت هذه الجرافات محكمة غزة وساحة فلسطين في مدينة غزة، وشاركت في مداهمة مستشفى الشفاء بينما كان المرضى والطاقم الطبي موجودين فيها.

في فبراير 2024، قامت آلات كاتربيلر ببناء ”الطريق السريع 749“، وهو طريق عسكري يقطع شمال غزة ليعزل مدينة غزة بشكل دائم عن الشمال. قامت الجرافات بسحب جثث الفلسطينيين المقتولين، بمن فيهم محمد علي النعيم في عام 2020.

هدم المنازل وبناء المستوطنات

تقوم جرافات كاتربيلر بتدمير المنازل والبنية التحتية الفلسطينية بشكل منهجي في جميع أنحاء الضفة الغربية. في عام 2021 وحده، دمرت جرافات كاتربيلر الطرق وأنابيب المياه التي تخدم 15 عائلة في تلال جنوب الخليل والعديد من المنشآت الزراعية الفلسطينية.

تقوم هذه الآلات نفسها ببناء مستوطنات غير قانونية مثل ريفافا وأورانيت والكرمل وبيتار إيليت، إلى جانب مشاريع البنية التحتية الاستيطانية بما في ذلك المنطقة الصناعية في أرييل الغربية والطرق الاستيطانية الجانبية المخصصة للمستوطنين والتي تتطلب اقتلاع مئات أشجار الزيتون الفلسطينية.

الإعدامات

تُستخدم جرافات كاتربيلر في إجراء ” طنجرة الضغط ” الذي يتبعه الجيش الإسرائيلي، وهو تكتيك مثير للاشمئزاز يتمثل في هدم المباني عمداً بينما لا يزال الناس بداخلها. في يوليو 2016، تم استخدام حفارة مدرعة من طراز كاتربيلر لإعدام محمد الفقيه عن طريق هدم منزله وهو بداخله. وقعت إعدامات مماثلة في أغسطس 2014 عندما قتلت جرافة من طراز D9 زكريا الأقرع البالغ من العمر 24 عامًا خلال هجوم استمر ثماني ساعات على منزله.

ريتشل كوري

في 16 مارس 2003، قُتلت ناشطة السلام الأمريكية ريتشل كوري على يد جرافة من طراز Caterpillar D9 أثناء محاولتها حماية منزل عائلة نصر الله من الهدم في رفح، غزة. كانت الشابة البالغة من العمر 23 عامًا ترتدي سترة برتقالية فسفورية وتستخدم مكبر صوت عندما دهستها الجرافة التي كانت تشغلها قوات إسرائيلية. رفضت المحاكم الأمريكية الدعوى القضائية التي رفعتها عائلتها ضد شركة كاتربيلر، وحكمت بعدم اختصاصها بسبب تمويل الجرافات من المساعدات العسكرية الأمريكية.

Zoko Enterprises

Zoko Enterprises هي شركة إسرائيلية تعمل كموزع حصري لشركة Caterpillar في إسرائيل وتعمل كمقاول عسكري مباشر لقوات الاحتلال الإسرائيلية. من خلال شركتها الفرعية I.T.E Ltd.، تقوم الشركة بتعديل الجرافات المدنية لتصبح أسلحة حربية وتوفر الدعم القتالي المباشر للعمليات العسكرية الإسرائيلية.

تعمل شركة زوكو بشكل أساسي كوحدة عسكرية خلال العمليات الإسرائيلية، بموجب اتفاق مع قوات الاحتلال الإسرائيلي يسمح لفريق الصيانة التابع للشركة بالعمل بصفة جنود احتياطيين. خلال الإبادة الجماعية لقطاع غزة في ديسمبر 2023، تم تجنيد موظفي زوكو في قوات الاحتلال الإسرائيلي كوحدة احتياطية لتعزيز فريق صيانة جرافات كاتربيلر D9 التابعة للجيش. تم تفعيل هذا الترتيب أيضًا خلال الهجمات الإسرائيلية على غزة في عام 2014.

تتولى شركة I.T.E التابعة لشركة Zoko مسؤولية تحويل معدات Caterpillar المدنية إلى أسلحة عسكرية، بما في ذلك تركيب مواقع للمدفعيين وكبائن قيادة مضادة للرصاص. بالتعاون مع Israel Aerospace Industries، ساعدت Zoko في تطوير ”Front Runner“ - وهو جرافة صغيرة يتم التحكم فيها عن بعد تعتمد على هيكل Caterpillar تم تعديله ليصبح أداة هندسية قتالية يتم التحكم فيها عن بعد بالكامل وتستخدم في الجدار المحيط بغزة. تدير الشركة أيضًا مركزًا للتدريب يقدم خدمات للقوات الجوية الإسرائيلية، وسلاح الهندسة القتالية، وسلاح الصيانة، والبحرية الإسرائيلية.

تهرب الشركات وإنكار المسؤولية

دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الشركة في عام 2004 إلى تعليق مبيعات جرافات D9 إلى إسرائيل، لكن الرئيس التنفيذي جيم أوينز رفض الطلب، مدعياً أن كاتربيلر ”ليس لديها القدرة العملية أو الحق القانوني في تحديد كيفية استخدام منتجاتها بعد بيعها“.

هذا الموقف المشين ينتهك معايير المسؤولية الدولية للشركات ومعايير المسؤولية الاجتماعية للشركات الخاصة بالشركة. عندما كتب المقرر الخاص للأمم المتحدة جان زيغلر إلى أوينز في مايو 2004 معرباً عن قلقه من أن شركة كاتربيلر قد تكون متواطئة في انتهاك حق الفلسطينيين في الغذاء بموجب القانون الدولي، لم يكلف أوينز نفسه عناء الرد. بعد وفاة راشيل كوري، طلب والداها لقاء أوينز، لكنه رد قائلاً إنه ”يتفهم موقفنا ولكن ليس لديه سبب للقاءنا“.

على الرغم من تلقيها أكثر من 50,000 رسالة من جماعات حقوق الإنسان تدين استخدام جرافات كاتربيلر في هدم المنازل الفلسطينية، تواصل الشركة مبيعاتها إلى إسرائيل مع الإصرار على أنها لا تستطيع مراقبة استخدام المعدات، وهو ”نهج دفن الرأس في الرمال“.

عقود الجيش الأمريكي

تحتفظ شركة Caterpillar بعقود واسعة النطاق مع وزارة الدفاع الأمريكية، حيث حصلت على 1.28 مليار دولار في عام 2022 لتوريد معدات البناء وعقد سابق بقيمة 641 مليون دولار لتوريد جرافات جرارات بعجلات. تمول المساعدات الخارجية الأمريكية شراء معدات Caterpillar لإسرائيل.


المصادر: